احتفى العالم بصفة عامة، وألمانيا بصفة خاصة بكرة القدم، فزفاها في عرس كروي في قمة الروعة، فأبانت ألمانيا عن علو كعبها وعرفت كيف تمزج بين أهازيجها الشعبية وأغانيها السريعة الأوربية، فجاء حفل افتتاح المونديال في النسخة الثامنة عشر تتويجا للمستديرة. إذن القيصر بينكمباور قدم لألمانيا صنيعا لن تنساه، وألمانيا قدمت للعالم عرسا كرويا لن ينسى بدوره.
وجرت العادة أن يكون قطب مباراة الافتتاح حامل اللقب، والنسخ السابقة من المونديال شاهدة على المفاجآت التي كانت تطرق باب حامل اللقب بقوة، بل وقد تجتاح معسكره، وتذكر الذاكرة الكروية ضحايا المباراة الافتتاحية كفرنسا والبرازيل والأرجنتين والعديد من الفرق الأخرى الكبيرة. ربما لهذا السبب أو لأسباب أخرى نجهلها تخلت البرازيل وعن طيب خاطر لألمانيا، وتركت لها المقص لقص شريط المونديال، عل المباراة الافتتاحية تشهد المفاجأة وتكون كوستاريكا القطب الأكبر في المباراة، لكن ألمانيا تجاوزت هذه العقدة وهي تستضيف كوستاريكا على أرض ميدانها وبين أحضان جماهيرها الطامحة إلى إثبات جدارة المنتخب الألماني بالفوز بكأس حسن التنظيم وإحراز اللقب العالمي، وقدمت ألمانيا عرضا جيدا رغم غياب صانع أهدافها ولاعب بايرن ميونخ الجم مايكل بالاك، وسحقت الضيف بأربعة أهداف يمكن القول عنها أنها رائعة، ولكن كوستاريكا بدورها سجلت هدفين عن طريق وينشوب الذي أربك الدفاع الألماني غير ما مرة، هذان الهدفان فتحا على ألمانيا النار الإعلامية التي لم تتأخر في انتقاد منتخب بلادهم أو بالأحرى دفاعه، كما عيبوا على الهجوم الاعتماد على الجهة اليمنى. انتقادات وإن كانت سلبية فقد لاقت الترحاب في الشارع الألماني، فالمهم كان هو النقاط الثلاث التي كانت ألمانيا في أمس الحاجة إليها، في اللقاء الثاني من نفس المجموعة كان تفوق الأكوادور على بولونيا نتيجة وأداء أمرا غير متوقع، فبولونيا رغم تاريخها العريق في المونديال إلا أنها أهدرت فرصة حقيقية للبقاء في أجواء المنافسة.الحديث عن الدور الأول يجرنا للحديث عن أسماء كبيرة، كإنجلترا والأرجنتين وفرنسا، البرازيل وأسبانيا دون أن ننسى إيطاليا وهولندا، حفرت في الذاكرة الكروية بحروف من ذهب. وككل نسخة ومن دون استثناء يكون للبرازيل الحظ الأوفر من الترشيحات، لكن الفوز بهذه النسخة يعني الكثير، لأنها مقامة على أرض أوربية ومدرسة كروية عريقة، وإن كانت الكأس من نصيب البرازيل فسترصع سجلها الكروي بإنجاز تاريخي كبير، ورقم قياسي جديد يصعب تحطيمه، سترصع سجلها بكأس عالمية سادسة، ويرجو الجمهور قاطبة صمود أفضل منتخب عالمي حتى النهاية لمشاهدة لاعبيه والاستمتاع بمهاراتهم. ترشيح البرازيل للظفر بهذه الكأس لم يأت من فراغ،ففريق يضم رونالدو وحده يربك حسابات الخصوم، فما بالك بفريق يضم رونالدينهو أفضل لاعب في العالم عن جدارة واستحقاق، وكاكا نجم ميلان الذي يشكل القلب النابض لها، أدريانو نجم الإنتر باختراقاته وسرعته الهائلة، كافو القائد المخضرم، وروبرتو كارلوس قاذفة الصواريخ، ديدا الجدار المنيع، روبينيو النجم الصاعد بقوة، جونينيو وسيسنيو. أما الحديث عن نجم نجوم البرازيل رونالدو فلن ينتهي أبدا. كل هذه النجوم قادرة على خطف الأبصار مع منتخبها،بقر ما تخطفها مع نواديها. إن كنت متابعا للكرة وتعرف هؤلاء اللاعبين فسترشح البرازيل طبعا، ألمانيا نالت قسطا كبيرا من الترشيحات بدعوى أنها المستضيفة، تشكيلة ألمانيا لا تزدان بأسماء لامعة سوى مايكل بالاك والحارس أوليفر كان، ويورغمان يتلقى انتقادات كبيرة بسبب تلقي مرماه لأهداف كثيرة، ومباراة ألمانيا ضد كوستاريكا خير دليل، فلاعب واحد اسمه وينشوب خلق الرعب في صفوف الألمان فما بالك بفرق تضم تشكيلتها عدة نجوم. إيطاليا كذلك من أبرز المرشحين، بتشكيلة تضم أسماء وازنة كلوكاتوني، فرانشيسكو توتي، أليساندرو ديل بييرو، أليسانرو نيستا والمخضرم ألبيرتو جيلاردينو، وإيطاليا قادرة على الضغط بقوة ولم لا الفوز باللقب بعد أداء جيد أمام غانا في أولى مبارياتها في المونديال.تتوقع منه الجماهير إنهاء 40 سنة من الجفاف الكروي في كأس العالم، إنه المنتخب الإنجليزي القادم بقوة إلى أرض المانشافت بأسماء لها وزن كروي كبير أمثال ديفيد بيكهام اللاعب الأسطوري، مايكل أوين اللاعب الشاب، ستيفان جيرارد، أشريكول دون نسيان واين روني الثور الصغير وجون تيري قطب الدفاع الإنجليزي، إنجلترا قادرة على لعب دور في النهائي إذا ما تجاوزت شبح المنتخب الأرجنتيني المرشح بقوة لحصد ثالث ألقابه العالمية، خوان ريكلمي قائد الفريق يعول عليه الجمهور للسير بالسفينة الزرقاء لتأتي بالنصر من ألمانيا وترقص الجماهير رقصة الطانغو على أرض أوربية، الأرجنتين بقدر ما تقدر ماكسي رودريغيز، تعشق الصغير ميسي نجم برشلونة الصاعد وتضع آمالها في القدير هيرنان كرسبو. أما شبح هولندا فيؤرق الإنجليز لأنه الاحتمال الأقرب، ماركو فان باستن عرف كيف يقود السفينة الهولندية لتعبر بحر الإقصائيات بكل سهولة ويسر، حيث حقق 32 نقطة من أصل 36، ولم يدخل مرماها سوى ثلاثة أهداف وهي الثالثة عالميا التي تضم لاعب مانشستر يونايتد البارز رود فان نستلروي. هولندا قادمة بقوة والإنجليز متخوفون بعد التأهل للدور الثاني مبكرا. فرنسا اسم كبير في كرة القدم العالمية، منذ 1998 لم تسجل فرنسا أي هدف في النهائيات. وجماهير الديكة تأمل أن تصيح على أرض ألمانيا، لكن هذا يبدو بعيدا بعد تعادلها مع سويسرا سلبا في أولى مبارياتها في المونديال، تحتل الرتبة الخامسة دوليا وتشكيلتها تجمع بين الخبرة والشباب، ونجومها زين الدين زيدان، تيري هنري، ديفيد ترزكاي، باتريك فييرا وويليام جالاس على أرض ألمانيا يرغبون في إثبات الذات والعودة من جديد إلى الساحة العالمية بلقب عالمي ثان، لكن هذا يبدو من ثامن المستحيلات. نجوم أسبانيا كذلك يحملون على عاتقهم آمال كبيرة للسمو بالكرة الأسبانية، أصدقاء راؤول مصممون بقوة على ذلك، فرناندو توريس وديفيد فيا والحارس العملاق إيكر كاسياس وصخرة الدفاع الصلبة بيول أسماء كبيرة تعلق عليها آمال أكبر للسير بخطى ثابتة لتجاوز أكبر إنجاز للكرة الأسبانية في المونديال وهي مباراة النصف نهائي. والعزيمة بادية على الكل خصوصا بعد أداء مذهل أمام أوكرانيا والفوز بأربعة أهداف مثالية إن أحسنت التعبير
وتبقى بجوار الأسماء العملاقة أسماء كبيرة كالبرتغال والمكسيك، كذلك التشيك قد تشكل تهديدا كبيرا على عمالقة كرة القدم. فالبرتغال يدخل غمار المنافسة بأسماء معروفة و كبيرة أمثال لويس فيغو المتألق في الكالشيو، ونجم مانشستر يونايتد الهداف كريستيانو رونالدو،باوليتا كذلك من الأسماء الوازنة، نونو مانيش وديكو من الرائعين، ريكاردو الحارس المتألق وباولو فيريرا يعول عليهم أيضا، والبرتغال بدأت بداية جيدة في المنافسات بتغلبها على أنغولا 1_0. والأمل يحذوها لإعادة إنجاز يورو 2004 حين وصلت للنهائي. والمكسيك مفعم بحيوية عجيبة ومندفع بشدة كبيرة، ويدخل المونديال بثقة عالية بعد أدائه المتوهج في كأس القارات2005. ونجومه جاريد بورجيتي وخايمي كوزانو وخوسيه فونسيكا تعلق عليهم آمال كبيرة، ويطلب منهم تحقيق إنجاز كبير في هذه النسخة من المونديال، وبداية المكسيك كانت ممتازة بفوز كبير على إيران 3_1. أما التشيك فتعتبر أبرز الكبار في مقدرتها على منافسة العمالقة، لأن الفريق التشيكي قد يكون عملاقا ويخطف أضواء النجومية، فهو معزز بتشكيلة تضم أسماء كبيرة: ميلان باروس، بيتر تشيك، باولو نيدفيد وكارل بوروكسي، وتبقى المنتخبات الأخرى حاضرة للمونديال من أجل تحقيق أداء جيد وفقط، لأنها تدرك عدم مشروعية حلم معانقة الكأس.كالسويد المعتمد على دعامته زلتان أبراهيموفيتش لاعب يوفنتس المتأثر بفضيحة الكالشيو مؤازرا بزميله هنريك لارسون مهاجم فريق برشلونة البارز، ومعهما نجم وسط فريق الأرسنال الإنجليزي فريديريك لوينبرج؟، والسويد مرشحة للمرور للدور الثاني، والترشيح يسير في طريقه الصحيح، لأن السويد مقصاة في حالة واحدة فقط هي الخسارة أمام إنجلترا وفوز ترينداد وتوباغو على البارغواي، وهذه الحالة يستبعدها أغلب الخبراء لأن المنطق يستبعدها، لكب لا منطق في كرة القدم، فالعمالقة قد يدخلون المنافسات ويخرجون منها أقزاما كحالة الأرجنتين في مونديال 2002، والأقزام قد يجارون الكبار ويصبحون عمالقة كحالة تركيا في مونديال كوريا الجنوبية واليابان. كرواتيا كذلك من الفرق التي تدخل من أجل المشاركة فقط. حالة كرواتيا هي حالة أستراليا، كوريا الجنوبية، أمريكا، إيران، بارجواي، الإكوادور، كوستاريكا، بولندا، صربيا والجبل الأسود، اليابان. أما ضيوف المونديال الجدد فمجرد الوصول إلى النهائيات فهو إنجاز كبير، وتحقيق لحلم ثمين، ولا يرون أبعد من ذلك إلا إذا استثنينا الكوت ديفوار التي صعبت مهمة إيطاليا عندما لعب الفريقان واحدة من أجمل المباريات. أبان فيها الفريق الإفريقي عن قوة وبأس شديد في الدفاع والهجوم. ففي الخط الأمامي يملك الفيلة مهاجم تشيلسي اللاعب القوي ديدييه ضروغبا مساندا بالنجم أرونا كوني، أما في الخط الخلفي فيتعزز الإفواريون بقطبي دفاع الأرسنال كولو توري وإيمانويل أبوي. يعتبر الأفارقة منتخب ساحل العاج سفير إنقاذ ماء وجه الكرة الإفريقية، لكن سقوط هذا المنتخب في مجموعة الموت أحبط آمال ملايين المشجعين، ويبقى أدائه أمام الأرجنتين مميزا. ولمارادونا الصلاحية في قول ما يريده، لذلك هو لا يتوقع أن تنال لا هولندا ولا صربيا من السفير الإفريقي. توقع يأمل الأفارقة تحققه على أرض الواقع، عل تأهل منتخب إفريقي يخفف شدة الخوف على المقاعد الإفريقية الخمسة في المونديال. من الضيوف الجدد كذلك ترينداد وتوباغو التي خلقت المفاجأة بتعادلهم مع السويد وخسارة بشرف أمام إنجلترا. يحل كذلك على المونديال الضيف الإفريقي الأنغولي الذي تأهل على حساب نيجريا لكنه لا يملك حظوظ وفيرة مع كل من البرتغال والمكسيك. غانا كذلك من المتأهلين لأول مرة إلى النهائيات، وآمال الغانيين تعلق على مايكل إسيان لاعب تشيلسي، وستيفان أبيا لاعب يوفنتس، منطقيا غانا لا تملك أية حظوظ أمام إيطاليا وجمهورية التشيك، لكن لم لا فقد تخلق المفاجأة. أكبر المفاجآت حققها المنتخب الطوغولي بتأهله على حساب السنغال. خسارته أمام كوريا الجنوبية وتأزم وضعيته الغنية والإدارية أمور لا تسمح له بالمنافسة على بطاقة عبورللدورالثاني أمام طموح فرنسا و سويسرا. أما الكرة العربية فممثلة بالمنتخبين السعودي والتونسي، ليكررا سيناريو المونديال الفائت.سبق للسعودية التأهل ثلاث مرات للنهائي وهذه هي الرابعة منذ 1994. كما نالت تونس بدورها شرف التأهل4 مرات كذلك أعوام78، 98، 2002و2006. ومن المفارقات العجيبة أن المنتخبين العربيان قد أوقعتهما القرعة معا في المجموعة الثامنة مع أسبانيا وأوكرانيا. والتقى المنتخبان وجها لوجه يوم 14 يونيو في مدينة ميونخ، في أولى مبارياتهما في المونديال والتي انتهت بالتعادل نتيجة وأداء، وقد كانت مباراة جديرة بالمتابعة، مشرفة للكرة العربية، متعادلة شوط للسعودية وآخر لتونس.
أما الحديث عن المونديال فيجرنا للحديث عن شعار بطولة كأس العالم أو ما يسمى تعويذة المونديال. والمونديال في نسخته الثامنة عشرة كانت تعويذته عبارة عن أسد اسمه "جوليو السادس".
العالم بأسره يتمنى الاستمتاع بالمباريات، ومشاهدة المفاجآت، ومراقبة المنتخبات، وبما أن الحلم لم يعد مشروعا، لتلاعب المتلاعبين في النقل، ولأننا نعيش في عالم مادي أصبحت الغلبة فيه للأغنى، مباريات كأس العالم تباع بالملايين ويرجى منها الربح، حتى كرة القدم أصبحت تجارة، انفراد مالكة الحقوق بالبث ورفضها للبيع جعل العالم العربي عامة والشرق الأوسط وشمال إفريقيا خاصة تحرم من الاستمتاع بمشاهدة المباريات، فيصبح اللجوء إلى حلول سلبية هو الحل الأفضل. فمن يتجه إلى المقاهي يختلط مع رائحة التدخين وصراخ الحاضرين، ومن يتجه إلى القرصنة لأنه وبصراحة"درب غلف "لم يترك لراديو وتلفزيون العرب ما تقول: الشقرة تغيرart كل 5دقائق وبضع ثوان كافية لأن تحل ويعود كل شيء كما كان، وهكذا دواليك. وأما من يفضل المشاهدة في المنزل ودون اللجوء إلى القرصنة فالقمر الصناعيAstra هو الحل وبرنامج النقل في يده يوم لZDF وآخر لARD وآخر لRTL+. المهم أن المشكلة حلت، ويبقى هذا الإنفراد بدون معنى ولا جدوى. فكل من تستهويه كرة القدم يبحث عن حلول تلائمه: من يقدر على تحمل تكلفة الفلاش فالبث بالعربية أفضل وأما من لا يقدر فلا مفر من الألمانية. يبقى المهم أن يعرف الغلبة لمن ستكون والكأس لمن ستؤول؟
مجهود شخصي المرجو احترامه